The Secrets of the Story of Judas with Christ

 

 The Secrets of the Story of Judas with Christ 

 أسرار قصة يهوذا مع المسيح

 د منال الشربيني، مترجم ومحقق ومدقق  🇪🇬





مقدمة المترجم

بقلم  د منال الشربيني  🇪🇬

حتى أنت يابروتوس؟


هل كان شكسبير محقًا حين حفر ببراعة في الوعي الإنساني عبارته" حتى أنت يابروتوس؟!"، والتي وردت في مسرحيته الرائعة" يوليوس قيصر"، والتي تحمل في دلالتها الخيانة العظمى، وفي رمزيتها قتل يهوذا السيد المسيح؟

هل كان دانتي محقًا حين اتخذ من الموت عقوبة لكل من يخون شعبه فشبهه بمن يأكل لحم أبنائه، فجعل من أوغلينو Oglino معادلًا موضوعيًا ليهوذا ليدلل على بشاعة الألم، في روايته التي اتخذت من عنوانها" الجحيم" مدخلًا إلى لعن كل من تسول له نفسه خيانة قومه أو الغدر بمن مدَّ له يومًا كفًّ بخير؟َ

هل سيكون من العدل في شيء إن اتهمنا يهوذا بالخيانة بينما هو في الأصل إنما امتثل لأوامر معلمه التي صدرت بالأصل عن ما قدره الله سبحانه وتعالى عليه بأن يكون فداءً للسيد المسيح كما كان الكبش فداءً لسيدنا إسماعيل؟


هل سنكون منصفين إن لعناه بكرة وعشية، وهو التلميذ المخلص لمعلمه، الذي مضى ليتخذ مكانه على الصليب دونما اعتراض، بل دون أن يطلب تفسيرا للدور الذي رسمه له معلمه بعد ما قدره الله عليه؟ ألا يذكرنا تكليف عيسى ليهوذا بخيانته امتثالا لما قدره الله عليه. ولأنه مكتوب عليه أن يموت فداءَ عيسى، وبدلا عنه بتكليف نبى الله إبراهيم ابنه اسماعيل لكي يكون الذبيح، فامتثل الأخير أيضًا لقدر الله دونما أدنى اعتراض؟

لقد خان يهوذا المسيح وأسلمه لليهود،والصلب، وقبض ثمن خيانته؛ هكذا تقول الأناجيل!


ولكن الكاتبة هنا في كتابها:" أسرار الصلب" استشهدت بالأناجيل لكي تثبت للكل أن يهوذا بطلًا امتثل لأوامر المسيح، ولم يناقشه؛ لم يعترض، بل مضى ليكون بديلًا في هدودٍ، ليكمل ما سطره الكتاب عليه.


وفي محاولة منها لإثبات ما ذهبت إليه، ضمنت الكاتبة/ الباحثة في كتابها للقاريء، من باب التسهيل، بكل ما استشهدت به من نسخ الأناجيل التي تناولتها بالمقارنة والبحث والتفنيد والتأويل، مبينَّةً التناقضات البينة والروايت غير المنطقية التي لا يختلف على العتراف بتضليلها وتغييبها الحقيقة كل ذي عقلٍ رشيد.


وعلى الرغم من أن الخونة دائما ما تلاحقهم اللعنة،ويذكرهم التاريخ كرمز فريد للخِسَّة والوضاعة متخذين منهم مادة ثرية لكتاباتهم عن الكلاعنة والمردة في الأعمال الأدبية، والفنية، والتاريخية. وعلى الرغم من استمرار عقابهم، وتوبيخهم طوال الوقت، يجب أن نناقش كل الملابسات والدوافع والظروف المحيطة التي أدت ببعضهم إلى السقوط إلى هاوية الخونة، فلربما كان من أخبارهم ما نجهله، أو ما تم نقله لنا مضللا، وضالا، بفعل النقل والترجمة المغلوطة وأهواء الناقلين، خاصةً إن علمنا أن المسيح، عليه السلام، كان يرسل تلامِذَتَه إلى الأمم ليبلغوا رسالته، وكان يرسل بصحبة كل منهم رجلا يهوديا كمترجم، حيث معروف عن اليهود أنهم أصحاب ألْسِنَة  متعدد، ومن هنا لابد أن تكون لنا وقفة، فلربما قال الحواريُّون حديثًا تعمد اليهودي، المترجم، نقله بلؤم، ملفقًا روايةً أخرى ما أنزل الله بها من سلطان. وهذا ما حاولتْه هنا الكاتبة القديرة بالفعل مع معنى كلمة " يخون".


وفي معرض ترجمتي لهذا الكتاب، لا يسعني إلآ أن أشيد بالجهد الجبار الذي بذلته الكاتبة، بحثًا، وتفنيدًا، وتأويلً، معارضةً، وقَبولًا، شجبًا واعتراضًا، وتبرئة لساحة يهوذا من تهمة هو براء منها لأنه قام بدور رسمه له الله والمسيح معًا، على أكمل وجه، حبًا، وتفانيًا، وإخلاصًا لله ولمعلمه وسيده عيسى عليه السلام.


قال المسيح نفسه عن يهوذا:

[ إن ابن الإنسان ماضٍ كما هو مكتوبٌ عليه، ولكن ويلٌ لذلك الرجل الذي به  يُسَلَّمُ ابن الإنسان. كان خيرًا لذلك الرجل لو لم يُولد.] متى26:24


في الواقع. تحمل تلك الآيات في ألفاظها وإيحاءاتها دليل براءة يهوذا، لأن ما فعله كان مقدَّرًا عليه، كما أنها تنفي عنه الإرادة والفعل الحد والاختيار، فهل هذا يجوز؟ وهنا يبرز أمامنا سؤال مه:" هل الإنسان مخيرًا أم مسيِّرًا؟" فإن كان مخيرًا، فلماذا لم يعترض يهوذا؟ و لِمْ لَمْ يناقش عيسى؟، ولِماذا امتثل؟


لو قلنا إن الشيطان كان مخلوقًا لأجل مهمة إغواء آدم، فهل يعني هذا أن الشيطان غير مذنب لأنه فعل ما كان مقدرًا عليه أن يفعله؟! كما قدر الله على الإنسان أن يسكن الأرض، وليس الجنة؟ فهل كان آدم أيضًا مسيِّرًا أم مخيَّرا، لماذا لم يعترض؟ لماذا، قبل الغواية؟


في الواقع، تلك أسئلة تطرح نفسها طوال الفترة التي قضيتها أثناء قراءتي وترجمتي هذا العمل، وهي أسئلة مرهقة، ومربكة بالفعل، لكن الكاتبة، وبحرفية شديدة، تمضي بنا قُدُمًا لتبني لنا الرواية، لبنة تلو الأخرى، متخذةً من الأناجيل مستندًا، وتوثيقًا، فتجعلك تفكر مرات ومرات حول حقيقة الأمر، وما كان عليه قبل قرابة القرنين، منذ مولد المسيح . وهنا يبرز سؤال مهم:" من أين استقى كتَبَة الأناجيل كل تلك الاخبار، بينما يحدثنا التاريخ أن الحواريين كانوا غائبين عن المشهد بكامله طوال فترة ما بعد العشاء الأخير، وحتى ظهر لهم المسيح ليخبرهم أنه لم يمت، وأنه حي يأكل الطعام، و يحتسي الشراب، وأنه لم يعد إلى أبيه بعد؟


تلك أسئلة مطروحة تنقلنا بين إجابات عديدة لها كاتبةٌ باحثة تعي تمامًا  ما تقول، وتقول ما يوافق العقل والمنطق، ولن أكون مجاملة إن قلت إنها بحق، وضعت يدها جرحً قلَّما مد أحدهم يده ليزيل القرح.


هناك أسئلة كثيرة طرحتها على نفسي مرارًا، وتكرارًا خلال وبعد ترجمتي هذا الكتاب:

" إن كان يهوذا قد حلَّ محل عيسى فصلب من أجل خلاص البشرية من الخطيئة الأصلية، فلما نعتبرة ملعونًا، وقد مات من أجل المسيح، ومن أجل البشرية جمعاء القديم منها ( منذ أن أخطأ الشيطان) والحديث ٠ إلى وقتنا هذا؟" كما أنني أوافق الكاتبة كل اذهبت إليه من تساؤلات و أسئلة تدعونا جميعًا إلى أن نعقل الأمر ونتدبر تأويله بما يتسع لأن يكون بيننا حوارًا حضاريًا إنسانيًا عالميًا، نرتقي من خلاله جميعًا سلم الخلاص الحق؟



وأخيرًا، ومن فمك أُدِينُك:

جاء في 

لوقا : ٢٩:٣٠" أن الله عصم المسيح عليه السلام، وحفظه من كيد اليهود ومكرهم فلم يستطيعوا أن يصلبوه"


يوحنا: ٨: ٥٩ " [ فرفعوا حجارة ليرجموه، أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل في وسطهم ومضى هكذا]


يوحنا ١٠: ٩٣[ فطلبوا أيضً أن يمسكوه فخرج من بين أيديهم]


يوحنا ١٩:٣٦[ وقد حدث هذا ليتم ما جاء في الكتاب: لن يُكْسَرَ منه عظم]


سِفْر أعمال الرسل: ١:١١، [ إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء]

متى ٤:٦،لوقا ٤: ١٠-١١، [ مكتوب أنه يُوصِى ملائكته بك فعلى أياديهم يحملونك]

وفي يوحنا ١٩:٣٦، [ وقد حدث هذا ليتم ما جاء في الكتاب: لن يُكْسَرَ منه عظم]


أما فيما يخص  عملية الصلب، فمن حقي، بعد أن انتهيت من ترجمتي هذا الكتاب القيم أن أتساءل أيضً بعد أن أكتب علامتي تعجب بحروف كبيرة: " إن كان تعريف عملية الصلب Crucifixion أنه وسيلة إعدام بطيئة ومؤلمة، يتم فيها ربط الضحية أو تثبيت جسمه بالمسامير على صليب خشبي كبير، وتركه معلّقًا حتى يموت، وأنه، الصلبَ، اشتهر في العصور القديمة، لكنه لا يزال يمارس في بعض البلدان، كيف لنا أن نتعامل مع دلالة" لن يُكْسَرَ منه عظم؟!


وهل يسمح لي أحدهم أن اعتبر عيسى عليه السلام معادلًا موضوعيًا للشيطان، فقد أغوى يهوذا بأن يحل محله ففعلها يهوذا، وأغوى الشيطان آدم فأكل من الشجرة لكي تتم كلمات الرب؟ أم ان العقل الجمعي يأبى إلا أن يكرر نفسه دون مراجعة، تدقيق، أو وقوف على ماهية الأشياء ليبقى غائرًا في ذاته، ومُغيَّبًا في منطق " اللا منطق"؟!!


وأخيرًا، يبقى لي أن أشيد بكل ما تفضلت به الباحثة، في كتابها، الذي يعد إضافة إلى الفكر الإنساني العالمي القيم، بما تضمنه من توثيق لكل ما طرحته من أسئلة، ولكل ما جال بخاطرها من تأويلات مبنية على ما قاله كَتَبَة الأناجيل القديمة والحديثة، وما طرأ من تغيير عليها من جراء الترجمة المغلوطة المفاهيم والمفردات، ومن جراء ما جلبته الأهواء من هنا وهناك، ومن خلال تعرضي لهذا الكتاب بالترجمة اسمحوا لي أن أطرح آخر أسئلتي: ؛ هل رأى أيٌّ من كَتَبَة الأناجيل في العهدين القديم والحديث واقعة الخيانة، الصلب، الموت، الدفن، القيامة بأم عينه، خاصةً وأن كل المحيطين بهذا المشهد وكما تقول الأناجيل كانوا من اليهود والرومان في غالب الأمر؟


وختامًا، فإنني أشكر الله العظيم أن جعلني أترجم لهذا العمل القيم، فقد اختاره لي واختارني له، كما أنسب الفضل لله وحده الذي ساعدني وأمدَّني بالجَلَد والصبر على إتمامه، فالترجمة عملٌ مضنٍ وبحثٌ دؤوب، والمترجم الحق كاتب موازٍ، ومحلل لغوي، ،موَثِّق، وباحث بالضرورة.

إرسال تعليق

0 تعليقات